فصل: فصل في علامات السرسام:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: القانون (نسخة منقحة)



.فصل في علامات السرسام:

ولنذكر الآن علامات أصناف الحقيقي في السرسام، فنقول: أما الكائن عن الدم فأول علاماته أن عامة عوارضه المذكورة المشتركة تعرض مع الضحك وتعرض له قطرات رعاف ويعظم نفَسُهُ وتدمع عينه وترمص ولا يكون السهر الذي يعتريه بذلك وتكون خشونة اللسان فيه إلى حمرة مائلة إلى السواد ثم يسود ويكون اللسان فيه ثقيلاً وربما كسل عن الكلام لثقل اللسان وتكون خيالات التي تتشنج له حمراً وتكون عروق وجهه حمراً وعينه ممتلئة ويعرض له تواتر قعود وقيام من غير حاجة إليهما.
وأما الكائن عن صفراء صحيحة فإنه يسهر كثيراً وتجف معه العينان شديداً جداً ويخشن اللسان شديداً ويصفر أولاً ثم يسود وتشتد الحمى ويكثر الولوع بمسح العينين ويتخيلون أشياء صفراً وتدخل في أخلاقهم سبعية وسوران وحرص على الخصام وكأنه في هيئة من يريد أن يقاتل وتدق أنوفهم خصوصاً في أطرافها ويعرض لجباههم انجذاب شديد إلى فوق.
وأما الكائن من صفراء محترقة وهو الرديء المهلك فأول علاماته أن عامة عوارضه تعرض مع جنون وضجر ونفس عظيم وعبث وتكون أعينهم كدرة وتشبه صبار أو كأنه هو.
وأما علامات انتقاله فإن كان ينتقل إلى ليثرغس- وذلك أجرى لهم- رأيت العين تغور والتغميض يدوم والريق يسيل والنبض يبطئ ويلين.
وأما علامات انتقاله إلى سفاقلوس والورم الدماغي: أن تظهر علامة سفاقلوس ويغيب سواد العين ويظهر البياض في الأحيان ويأبى الاضطجاع إلا مستلقياً وينتفخ بطنه وتمتد شراسيفه ويكثر اختلاج أعضائه.
وعلامة انتقاله إلى الدقّ غؤور العينين وهدو الحمى وقحل البدن وصغر النبض وصلابته.
وأما علامات انتقاله إلى التشنّج فقد أوردناه في باب التشنج.
أما المشترك لأصنافه الحقيقية فالفصد من القيفال وإخراج دم صالح بل كثير جداً وتبادر إلى ذلك كما تبتدئ الأخلاط إن لم يمنع من ذلك مانع قوي ويجب أن يكون فصده مع احتياط في تعرّف حاله من الغشي هل وقع فيه أو قرب منه ويحبس الدم عند القرب من الغشي ويحتال في معرفة ذلك فإنه لا يظهر فيهم حال الإفاقة من حال الغشي ظهوراً كثيراً ولكن النبض قد يدل عليه فإنه إذا ارتعش أو انخفض واختلف بلا نظام حتى تجد واحدة عظيمة وأخرى صغيرة دل على قرب الغشي.
ويجب أن يحتاط في عصب العصابة عليه حتى يكون موثقاً لا تحله حركاته واضطراباته التي لا عقل له معها فربما حله وأرسله بنفسه بخيال فاسد يستدعيه إليه ثم بعد ذلك يفصد عرق الجبهة إن كانت القوة قوية وأوجبته الحال وقوة المرض وأما إن لم تساعد القوة والأحوال على فصده الكلي من يده أو لم يُمَكَنْكَ من يده وأحوجه ما يراود عليه من ذلك إلى قلق وضجر شديد فافصده من الجبهة واجعل على رأسه في الابتداء دهن الورد مع الخل مبرداً وسائر ما عددنا لك من العصارات المبرّدة وينتفع الصفراوي بتضميد رأسه بورق العلّيق جداً وأسكنه بيتاً معتدل الهواء ساذجاً لا تزاويق ولا تصاوير فيه فإن خيالاته تولع بها بتأملها وذلك مما يؤذي دماغه وحجب دماغه.
ويجب أن يكون في مسكنه وبالقرب منه من المشمومات الباردة مثل النيلوفر والبنفسج والورد والكافور والتي عددناها لك في القانون.
وأصْحِبْة أصدقاءه الظرفاء المَحبوبين إليه المشفقين عليه ومن يستحي منه فيكف بسببه عن تخليطه واضطرابه الضارين واجتهد في تنويمه ولو بتقريب شيء من الأفيون من جبينه وأنفه إن كانت القوة قوية وإلا فإياك وذلك فإنه مهلك بل استعمل مثل شراب الخشخاش وضمّد رأسه بالخس واسقه بزر الخشخاش في ماء الشعير.
على أن الأصوب أن يدافع بالفصد إن احتمله الوقت ولم يكن في تأخيره خطر تفعل ذلك في الابتداء يومين أو ثلاثة ثم إذا افتصد لم يبالغ إن أمكن حتى يبقى في البدن دم تقوى به الطبيعة على مصارعة البحرانات وعلى فقد الغذاء إن أوجبه الوقت وبعد فصدك إياه فإن من الصواب أن تحقنه بحقنة ليّنة جداً مثل دهن ورد مع ماء شعير أو الماء والزيت وإن احتجت إلى ما هو أقوى من هذا بعد أن يكون في درجة اللّينة فعلت واجذب المواد إلى أسفل من كل وجه من دلك اليدين والرجلين وغمزهما وصبّ الماء الحار عليهما بل بالعَصْبِ والشدّ المذكورين بل بتعليق المحاجم عليهما وخصوصاً في حال هبوط الحمى وقبل اشتدادها إن كان لها ذلك.
وربما وجب في ابتداء العلة أن تلزم المحجمة كاهله وخذه أولاً بغاية تلطيف الغذاء حتى يقتصر على السكنجبين السكري ثم بعد ذلك بيوم أو يومين فانقله إلى ماء الشعير الرقيق مع السكنجبين ثم الغليظ وراع في ذلك القوة والعلّة وكلما رأيت أعراض العلة أشدّ فحدّه بتلطيف الغذاء أكثر إلا أن يخاف سقوط القوة فيغذوا وجنّبهم الماء الشديد البرد خاصة إن كان في الحجاب الحاجز ورم أو في الأحشاء وكلما ترى العلّة تنحطّ فدرج في الغذاء وَزِدْ منه واجعله من القرع والبقول الباردة والماش والحبوب الباردة إمَّا إسفيذباجة وإما محمّضة بالفواكه الباردة وفي هذا الوقت ينتفعون بالخبز السميذ منقوعاً في ماء بارد جداً أو جلاب مبرّد بالثلج جداً.
ويجب أن يستعمل في الابتداء الرادعات الصرفة إلاّ أن يكون من الجنس العظيم الذي ترم فيه العروق التي تخرج من الرأس مشاركة للحجاب فهناك يحتاج أن يبدأ بما فيه قليل إرخاء وتسكين وجع ثم القوابض وتلتجئ إلى الحقن التجاء شديداً ثم استعمل في الأكثر نطولات مبرّدة ليست بقابضة واجعل فيها قليل خشخاش لينوم وقليل بابونج أيضاً ليقاوم الخشخاش ويحلّل أدنى تحليل.
وإذا انتقصت العلّة بهذه العلاجات وبقي الهذيان فاحلب على الرأس اللبن من الضرع والثدي أما إن كانت القوة قوية فلبن الماعز وإن كانت ضعيفة فلبن النساء وكل حلبة أتت عليها ساعة فاعقبها غسلة بالنطولات المعتدلة التي يقع فيها بنفسج وأصل السوسن وبابونج مع سائر المبردات كما قال بقراط في القراباذين.
فإن طالت العلّة ولم تزل بهذه المعالجات أو كانت ثقيلة سباتية وجاوز حد الابتداء وكان السكون فيها أكثر من الحركية فجنبه المبرّدات الشديدة التبريد وخاصة الخشخاش وزد في النطولات حينئذ بعد السابع نماماً وفودنجاً وسذاب وعصارة النعناع وإكليل الملك واجعل على الرأس لعاب بزر الكتان بالزيت والماء وعرق البدن في أدهن مسخّن دائماً.
وإذا أردت أن تحفظ القوة بعد طول العلة ومجاوزة السابع فما فوقه فلك أن تسقيه قليل شراب ممزوج.
وكثيراً ما يعرض لهم القيء فينتفعون به وربما سقي بعضهم ماء ممزوجاً بدهن بارد رطب فيسهّل قذفهم ويرطبهم وإذا لم يبولوا لفقدان العقل وضعف الحسّ مرخت مثانتهم بدهن فاتر وأفضله الزيت أو نطلتها بماء حار أو بماء طبخ فيه البابونج ثم غمرت عليها حتى يحرّ البول واعتن بهذا منهم كل وقت واغمر مثانتهم في كل حين يتوقع فيه بوله فإن لم يجب بذلك استعمل النطولات على ما ذكر ويجب أن تشدهم رباطاً إن وجدتهم يكثرون التقلب في الاضطراب ويتضررون به تضرراً شديداً وخاصة إذا كنت فصدتهم ولم يلتحم الشقّ بعد ثم إذا أمعنوا في الانحطاط وخرجوا عن عمود العلة أكثر الخروج دبرتهم تدبير الناقهين وألزمتهم الأرجوحات وجنبتهم الأهوية والرياح الرديئة والحارة والسموم والشمس لئلا ينتكسوا وإن أردت تحمّمهم حممهم في مياه عذبة تحميمات خفيفة لتنوِّمَهُمْ ففي تنويمهم منافع كثيرة وأطعمهم اللحوم الكثيرة الخفيفة.
فهذا هو القول الكلي في علاجهم.
وأما الذي يختلف فيه الصفراوي والدموي فإن الصفراوي يحتاج في علاجه إلى إسهال الصفراء أكثر وفصد أقلّ ويكون إسهال الصفراء منه بما يسهِّل شرباً من المزلقات اللطيفة المذكورة والمنقِّيات للدم ولك أن تجعل فيها الشاهترج إن علمت أن الطبيعة تجيب على كل حال وربما جعلوا فيها سقمونيا إذا كانوا على ثقة من إجابة الطبيعة بحسب عادة العليل ولا يبلغ الصفراوي عند الفصد قرب الغشي بل يفصد فصداً صالحاً مع تحرز من ذلك ثم يستفرغ بالإسهال وأيضاً لتجعل أدويته باردة رطبة.
وأما أغذية الدموي فباردة ويجوز أن تكون قابضة إذا وقع الفراغ من الإسهال والحقن مثل الحصرمية والرمانية والسفرجلية والتفاحية.
وأما الصفراوي فلا تصلح له هذه بل مثل القرعية والكشكية أعني المتّخذ من الشعير المقشر والإسفيدباجية والقطفية والمُحِّية وما أشبه ذلك ويكون تحميضها بخل وسكر أو بالنيشوق أو بالإجاص وما أشبه ذلك.
واعلم أن الصفراوي محتاج إلى تطفئة أكثر والدموي إلى تحليل أكثر ولا تحذر في الصفراوي من التبريد كل الحذر الذي تحذر في الدموي ولا تجنبه الماء البارد كل ذلك التجنب ويجب أن تعتني فيه بالتنويم أكثر وذلك بمثل النطولات المرطّبة وباستعمال أدهان الخسّ والقرع وما أشبههما سعوطات وما كان من الصفراوي صفراؤه محترقة أكثرت العناية بالترطيب واستعملت الحقن المرطبة والمبردة فيهم ما أمكن.

.فصل في الفلغموني العارض لنفس جوهر الدماغ:

أكثر ما يعرض هذا يعرض من دم عفن يورم الدماغ وربما فرق الشؤون وخلخل الشبكة ويكاد الرأس معه أن ينصاع وينشق ويشتدّ معه الوجع وتحمرّ العيان وتجحظان جداً وتحمرّ الوجنتان جداً وربما عرض معه قيء وغثيان بمشاركة المعدة ويميل إلى الاستلقاء جداً على خلاف المعتاد من الاستلقاء وعلى خلاف النظام وهو يقتل في الأكثر في الثالث فإن جاوزه رجي.
وأعلم أن العلّة ليست بصعبة جداً وإلا لما احتملها عضو بهذا القوام وبهذا الشرف.
وعلاجه علاج السرسام وأقوى وينفع منه فصد العرق الذي تحت اللسان منفعة شديدة وذلك بعد فصد العرق المشترك والعروق الأخرى.

.فصل في الحمرة في الدماغ والقوباء:

ربما عرض أيضاً في الدماغ نفسه حمرة وقوباء ويكون الوجع شديداً والالتهاب شديداً لكن الوجه يعرض فيه برد لكمون الحرارة وصغره لذلك وخاصة في العين ثم يسخن دفعة ويحمر وأما في الأغلب فيكون إلى الصفرة والبرد ويكون اليبس شديداً في الفم ولا يكون معه من السّبات كما في الفلغموني ولكن الأعراض فيه أهول والحمّى أشدّ.
وعلاجه علاج صباري وأكثره قاتل في الثالث فإن لم يقتل نجا.
ويعرض للصبيان الحمرة في الدماغ فيغور معه اليافوخ والعينان وتصفرّ العين وييبس البدن كله فيعالجون بمخ البيض مع دهن الورد مبرّداً مبدّلاً كل ساعة وبالعصارات والبقول الرطبة الباردة على الرأس خاصة القرع وقشور البطيخ والقثاء وغير ذلك حسب ما تعلم.

.فصل في صباري:

يقال صباري لجنون مفرط يعرض مع سرسام حار صفراوي حتى يكون الإنسان- مع أنه مسرسم- يهذي مجنوناً مضطرباً مشوّشاً والقرانيطس الساذج يكون بعد هذيان واختلاط عقل ولا يكون معه جنون فإن كان فهو صباري وأيضاً كأنه مانيا مركّب مع قرانيطس.
كما أن قرانيطس كأنه مالنخوليا مركب مع ورم وحمى وكثيراً ما يتقدّم فيه الجنون ثم يعقبه الورم والحمى.
وإنما يكون صباري إذا كان قرانيطس عن الحمراء الصرف والمحترقة فإنها إذا اندفعت إلى الدماغ وأحدثت جنوناً بأول وصولها وأحدثت معه أو بعده ورماً كانت سبب صباري.
وفي قرانيطس يكون الجنون عارضاً عن الورم وفي صباري الجنون والورم حادثان معاً عن المادة ليس أحدهما سبباً للآخر منه وجد الآخر وإن كان ربما صار كل واحد منهما سبباً للزيادة في الآخر وإذا جعل صباري يظهر كان سهر طويل ونوم مضطرب وفزع في النوم ووثب ونَفس كثير متواتر ونسيان وجواب غير شبيه بالسؤال واحمرار العينين واضطرابهما وثقل فيهما وكأنهما قذيتان وربما كان فيهما على نحو ما ذكرناه اصفرار ويكون هناك إحساس تمدد عند القفا ووجع لتصاعد البخار ويكون أيضاً فيهما سيل من الدمع بغير إرادة من عين واحدة ثم إذا استقرّ المرض صلبت الحمّى وخشن اللسان ويبس ثم في آخره تسكن حركات الجفون للضعف وتثقل الحركة حتى تحريك الجفون ويبقى من الجنون الهذيان المتقطّع مع عجز عن الكلام وقلّة منه ويقبل في الأكثر على التقاط الزيبر والتبن ويزداد النبض ضعفاً وصغراً وصلابة لليبس.
وقد يقع منَ صباري ما ليس بمحض صرف فتختلف حالاته من الكلام والذكر والحركات فتكون تارة منتظمة وتارة غير منتظمة.
وعلاجه بعينه علاج السرسام الصفراوي مع زيادة في الترطيب كثيرة ويجب أن يدام ربط أطرافه.

.فصل في ليثرغس:

وهو السرسام البارد وترجمته النسيان: يقال ليثرغس للورم البلغمي الكائن داخل القحف وهو السرسام البلغمي وأكثره يكون في مجاري جوهر الدماغ دون الحجب والبطون وجرم الدماغ لأنّ البلغم قلّما يجتمع وينفذ في الأغشية لصلابتها ولا في جوهر الدماغ للزوجته كما أن ذات الجنب أيضاً في الأكثر صفراوية وفلما تكون بلغمية لقلة نفوذ البلغم في جوهر صفاقي عصبي صلب.
على أنه يمكن أن يكون ذلك الأقل منهما جميعاً فيمكن أن يقع هذا الورم في جوهر الدماغ وفي حجبه.
وهذه العفَة مسماة باسم عرضها لأن ترجمة ليثرغس هو النسيان وهذه العلة يلزمها النسيان.
ومن اسمها أخطأ فيها كثير من الأطباء فلم يعرفوا أن الغرض فيها هو المرض الكائن من ورم بارد بل حسبوا أن هذه العلة هي نفس النسيان وعلى أن بعض الأطباء يسمي ليثرغس كل ورم بارد في الدماغ سوداوياً كان أو بلغمياً إلا أن كثر المتقدمين يخصّون بهذا الاسم البلغمي ولك أن تسقي به كليهما.
ومادة هذه العلة قريبة من مادة السدر لكنها أشدّ استحكاماً وهذه العلة تتولد عن كل ما يولد خلطاً بلغمياً وفيه تبخير ولذلك كثيراً ما تتولد عن أكل البصل وتتولّد عن التخمة الكثيرة وكثرة الشرب وكثرة أكل الفواكه.
العلامة: صداع خفيف وحمى لينة فإنه لا بد من الحمى في كل ورم عن خلط عفن وبذلك يفارق السُبات لكنها تكون لينة لأن المادة بلغمية وهذه الحمى ربما لم يحس بها ويكون معها سُبَات ثقيل كلما يفتح صاحبه العين يغمض ويكون معها نسيان ونَفَس متخلخل بطيء وجداً ضعيف وكله مع ضيق يسير وبزاق وكثرة تثاؤب وفتح فم وضمه وربما بقي فمه بعد التثاؤب ونحوه مفتوحاً لنسيانه أنه يجب أن يضم أو لكسله عنه وإن أراده ويكون به فواق لمشاركة المعدة وبياض في اللسان وكسل عن الجواب وعن حركة الأجفان واختلاط عقل ويكون البرازقي الأكثر رطباً وإن جف جف جفافاً معتدلاً والبول كبول الحمير.
وربما عرض لهم الارتعاش وعرق الأطراف.
وهم بخلاف أصحاب قرانيطس يتصدعون ويكون النبض عظيماً متفاوتاً بطيئاً زلزلياً متموجاً بنبض ذات الرئة أشبه لكنه أقلّ عرضاً وطولاً وأبطأ وأشدّ تفاوتاً وأقل اختلافاً لأن تأذي القلب به أقل ويقع في نبضه الواقع في الوسط أكثر لأن القوة الحيوانية فيه أسلم والحمى معه أقل لبعده من القلب وسباته أكثر لأن المادة ههنا في نفس الدماغ وفي ذات الرئة متصاعدة من ورم الرئة.
وأما إن قيل للسوداوي أنه ليثرغس فعلامته أن الوجع يكون أشد ويكون معه ضجر وهذيان وتكون العين مفتوحة مبهوتة وإذا كان الليثرغس في جوهر الدماغ كان السبات أشد وَعسر الحركات أكثر وبياض اللسان فيه شديداً جداً والعين إلى الجحوظ وعسر الحركة والوجع إلى الرخاوة.
وإن كان في الحجاب كان الوجع أشد والحركات أخف ويقع فيه كثيراً احتباس البول للنسيان ولضعف العضل المبولة.
ومن علامات مصير الإنسان إلى ليثرغس كثرة اختلاج رأسه مع كسل وثقل وإذا اشتدت أعراض ليثرغس وكثر العرق جداً فهو قاتل لإسقاط العرق للقوّة وإذا اتسع النفس وجاد وانحطت الأعراض فهو إلى السلامة وخصوصاً إن ظهرت أورام خلف الأذن فإنَ كثيراً من بحراناته تكون بها.
العلاج: إن لم يعق عائق فصدت أولاً ثم استعملت الحقن الحارة وجذبت المواد إلى أسفل وقيأته بريشة لطختها خردلاً وعسلاً وأسكنته بيتاً مضيئاً ومنعته الاستغراق في السبات ملحاً عليه بالانتباه ومنعت المادة في أول الأمر بدهن الورد والخل ثم بعد يومين من ابتدائه تخلط به جندبيدستر وتجعل الخلّ خل العنصل ولم تسقه الماء البارد إلا قليلاً وفي الابتداء خاصة وعند الانتهاء وخاصة في آخره تمنعه ذلك منعاً ثم يمرخ البدن بزيت ونطرون وبزر الأنجرة وبزر المازريون وفلفل وعاقر قرحا وما أشبهه وتستعمل النطولات القوية التحليل والشمومات والعطوسات وغراغر ملطفة فيها حاشا وزوفا وفودنج وصعتر وغراغر بعسل وعنصل وسائر ما علمته في القانون.
وإذا استعملت العنصل على رأسه- خصوصاً الرطب- انتفع به جداً ويستعمل أيضاً سائر المحمرات على الرأس ولطوخ الخردل وتديم دلك أطرافه وتغمزها حتى تحمر وتتألم فإنه عظيم المنعة.
وإذا غرقوا في السبات مددت شعور رؤوسهم وتنفف بعضها وتضع على أقفائهم عند النقرة محاجم كثيرة بنار من غير شرط وربما احتجت إلى شرط عندما كان محتاجاً إلى استفراغ دم وإذا غذوت أحداً منهم غفوته بمثل ماء الترمس وماء الحمص مع ماء الكشك وإذا غفوته فأقبل على غمز أطرافه ساعات لئلا ينجذب البخار إلى فوق فإن احتجت لطول العلة أن تسقيه مسهلاً- وخاصة إذا ظهر به ارتعاش- سقيته ثلثي مثقال جندبيدستر مع قليل سقمونيا أقل من دانق فإن خفت إفراطاً في الحمى اجتنب السقمونيا واقتصر على جندبيدستر وعلى تبديل المزاج دون الاستفراغ وأولى الاستفراغات به ما يكون بالحقن فإن اضطررت إلى غيرها سقيت أيارج فيقرا وزن درهم مع ربع درهم شحم الحنظل وثلث درهم هليلج ودانق مصطكي إن لم تكن الحمى شديدة الحرارة وكنت على ثقة من أنه يسهل فإن لم تثق بذلك فحمله حمولاً أو شيافة ليتعاون السببان على ذلك ثم نبّهه وكلفه أن يتكلف البراز وإذا عرض له نسيان البراز والبول نطلت الحالبين والبطن بالمياه المطبوخ فيها بابونج وإكليل الملك وبنفسج وأصول السوسن وغمزت المثانة ليبول ثم إذا انتبهت العلة استعملت الأراجيح والحمل ثم الرياضة اليسيرة وتدبير الناقهين حسب ما أنت تعلم ذلك.